المدخل إلى دراسة الفقه المقارن ـ الحلقة الأولى ـ

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله

المدخل إلى دارسة الفقه المقارن
ـ الحلقة الأولى ـ

تمهـيـد:

إننافي أمس الحاجة ـ في وقتنا الحاضر ـ إلى التعرف
على ضخامة الإنتاج المعرفي؛ الذي تركه لنا سادتنا العلماء
من أئمة المذاهب الفقهية الإسلامية، والجدير بالذكر هنا أن
الأصول التي بني عليها الفقه المقارن كفيلة بكشف الستار
عن ذلك الزخم الهائل من الآراء و الأفكار التي أنتجتها
المذاهب الإسلامية عبر مختلف مراحل تطورها.

و إننا في هذا المدخل الموجز سنكتفي بالإشارة إلى أهم المعالم
التي بني على أركانها هذا العلم الجليل، والذي أطلق عليه سادتنا
الفقهاء اسم علم الخلاف، لأن الهدف من ورائه كان بالأساس هو
حسم مادة الخلاف؛ و الله تعالى أعلم وأحكم .

أحكام الشرع من حيث الثبات و التغير...*

1 الأحكام القطعية التي دل الدليل على ثباتها :

ويمكننا أن نرجع هذا النوع إلى ما يأتي:

أولاً: العقائد القاطعة التي يجب الإيمان بها لقيام الدليل اليقيني
في ثبوته ودلالته عليها، وعلى أنها الحد الفاصل بين المسلمين
وغير المسلمين، ومن جحد شيئاً منها فقد خرج من ربقة الإسلام،
وذلك: كالتوحيد، وإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وختم النبوةبمحمد
صلوات الله وسلامه عليه، والبعث بعد الموت، والجزاء على الأعمال
في الدار الآخرة، وأن الله تعالى متصف بكل كمال، منزه عن كل نقصان،
وأن الرسل لا يجوز عليهم الكذب ولا الكتمان ولا الخيانة، إلى غير ذلك
من العقائد التي يكون بها المسلم مسلماً، والتي يخرج من الإسلام إذا جحد
شيئاً منها.

فليس لأحد أن يجتهد في ذلك وأمثاله، لأنه ليس محلاً للاجتهاد،
إذ هو حقائق متعينة ثابتة باقية لا تتغير مهما تغير الزمان أو المكان
إلى يوم الدين، وليس هناك احتمال ما لثبوت تغيرها أو بطلانها.

ثانيا: الأحكام العملية التي جاءت بها الشريعة بطريقة واضحة
حاسمة في جانب الإيجاب أو المنع أو التخيير، وذلك مثل: وجوب
الصلاة والزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً،
وكون الصلوات خمساً في اليوم والليلة، وكون هيئة الصلوات هي هذه
الهيئة المعروفة، وأعداد ركعاتها هي الأعداد المعروفة، ومثل:

تحريم قتل النفس بغير الحق، وأكل الأموال بالباطل، وقذف الأعراض،
والزنا، والإفساد في الأرض، ونحو ذلك، ومثل: إباحة الطيبات وتحريم
الفواحش... الخ.

ثالثا: القواعد الكلية التي أخذت من الشريعة بنص واضح ليس
فيها ما يعارضه تقريرا أو تفريعاً، أو استنبطت بعد الاستقراء
التام وعلم أن الشريعة تجعلها أساساً لأحكامها وذلك مثل:
(لا ضرر ولا ضرار). (ما جعل عليكم في الدين من حرج).
(الحدود تدرأ بالشبهات). (لا يعبد الله إلاّ بما شرع) (المعاملات طلق حتى
يثبت المنع) ونحو ذلك.

2 الأحكام الظنية التي هي محل اختلاف بين أصحاب المذاهب :

هي أحكام أو نظريات لم تجئ على هذا النحو الواضح القاطع
في وروده ومعناه، ولكنها جاءت أو جاء ما يدل عليها أو يشير
إليها على نحو صالح لأن تختلف فيه الأفهام، وتتعدد وجهات النظر:
إما لأمر يتعلق بأصل الورود، أو بالدلالة والإفادة.

ومن هذا القبيل :
أ ـ في جانب المعارف الكلامية: ما كان من اختلاف النظر في
شأن القضاء والقدر.

ب ـ وفي جانب الأحكام الفقهية: اختلاف الفقهاء في مقدار الرضاع
المحرم لقيام علاقة زوجية.

ج ـ وفي جانب القواعد الأصولية أو الفقهية التي تفرع عليها الأحكام:
اختلاف النظر في أن القرآن ينسخ أو لا ينسخ، وبم ينسخ.

موضوع علم الخلاف أو الفقه المقارن ...

و هذا النوع الثاني من الأحكام الذي أشرنا إليه أعلاه هو موضوع
علم الخلاف ؛ الذي هو محل نظر المجتهدين من الأئمة الأعلام من
سائر المذاهب الإسلامية : المذهب الجعفري،و الزيدي ، والإباضي،
والمذاهب الأربعة؛ المالكي و الشافعي و الحنفي والحنبلي ؛ وبقية
المذاهب الفقهية التي اندثر أصحابها.

في الحلقة القادمة...

سنتعرف بإذن الله تعالى على ماهية علم الخلاف؛ وسنتطرق في
نفس الوقت إلى أهم الركائز التي ينبني عليها فقه الخلاف أو ما
يصطلح عليه عند أهل الفن بأصول المقارنة.

* نقلا عن مقال كتبه السيد العلامة محمد محمد المدني رحمه
الله تعالى في مجلة ـ رسالة التقريب ـ تحت عنوان : أسباب
الإختلاف بين أئمة المذاهب الإسلامية/ العدد الأول . بتصرف .

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله

المدخل إلى دراسة الفقه المقارن ـ الحلقة الأولى ـ 0091

بارك الله فيك اخي عابر سبيل على هذا الموضوع الشيق الذي هو بمثابة بوابة فك النزاع والصراع بين جميع المذاهب والطوائف الاسلامية ، اذ ان روح الدين الاسلامي الذي جسده النبي وآل بيته عليهم السلام يكمن في توحيد الامة واجتماعها على الخير المبين ،فقد قالت الزهراء سلام الله عليها Sad

( وإمامتنا أمان لكم من الفرقة ) لان معرفة فضائلهم الزكية واخلاقهم العلية تقينا من الافتراق فيما بيننا قال سبحانه على لسان سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله : " قل ياأهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ان لا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا "فاول شيء ينبغي ان يكون هو اجتماع المسلمين مع بعضهم البعض لتوحيد الكلمة المستلهمة من توحيد الله عز وجل ، اما من ابى واتبع هوى نفسه فلا نقول له الا قوله تعالى : "قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين " فبتقريب المشارب والمفاهيم نتفق وبالفتنة والتنازع نختلف

عدد الرسائل : 283 تاريخ التسجيل : 09/01/2009

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد و اله و سلم تسليما

بوركت اخي عابر سبيل على هذا الموضوع الشيق ...جزاك الله خيرا

و السلام عليكم و الرحمة و البركة

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله

شكرا لكما عل هذا الرد الجميل

وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته